اسمه وكنيته ونسبه
أبو عبد الله، سلمان بن عبد الله الفارسي، المعروف بسلمان المحمّدي.
ولادته
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
صحبته
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).
جوانب من حياته
* اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله) في حروبه كلّها: بدر، وأُحد، والخندق... .
* اقترح على النبي(صلى الله عليه وآله) بحفر الخندق لمّا جاءت الأحزاب لقتاله، ولمّا رأى المشركون الخندق قالوا: «هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها قبل ذلك. فقيل لهم: هذا من تدبير الفارسي الذي معه»(2).
* كان أحد الأركان الأربعة(3) الذين أثبتوا ولائهم للإمام علي(عليه السلام) بعد رحيل النبي(صلى الله عليه وآله)، وهم: سلمان والمقداد وأبو ذرّ وعمّار(4).
* كان أحد الحاضرين في تشييع السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، والصلاة عليها ودفنها ليلاً، مع أنّها أوصت أن لا يشهد جنازتها ظالم لها.
* كان من الذين وصفهم الإمام الرضا(عليه السلام) بقوله: «الذين مضوا على منهاج نبيّهم(صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل: سلمان الفارسي... وأمثالهم رضي الله عنهم، ورحمة الله عليهم»(5).
من أقوال رسول الله(صلى الله عليه وآله) فيه
1ـ «لو كان الدين عند الثُريّا لناله سلمان»(6).
2ـ «سلمان منّا أهل البيت»(7).
3ـ «سلمان منّي، مَن جفاه فقد جفاني، ومَن آذاه فقد آذاني» (8 ).
4ـ «الجنّة تشتاق إليك ـ مخاطباً عليّاً(عليه السلام) ـ وإلى عمّار، وسلمان، وأبي ذر، والمقداد»(9).
من أقوال الأئمّة(عليهم السلام) فيه
1ـ قال الإمام علي(عليه السلام): «خلقت الأرض لسبعة بهم يرزقون، وبهم يمطرون، وبهم ينصرون: أبو ذرّ وسلمان... وأنا إمامهم، وهم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة(عليها السلام)».
قال الشيخ الصدوق(قدس سره): «معنى قوله: خلقت الأرض لسبعة نفر، ليس يعني من ابتدائها إلى انتهائها، وإنّما يعني بذلك أنّ الفائدة في الأرض قدّرت في ذلك الوقت لمَن شهد الصلاة على فاطمة(عليها السلام)، وهذا خلق تقدير لا خلق تكوين»(10).
2ـ قال الإمام الصادق(عليه السلام): «أدرك سلمان العِلم الأوّل والآخر، وهو بحر لا ينزح، وهو منّا أهل البيت»(11).
3ـ قال منصور بزرج: «قلت لأبي عبد الله الصادق(عليه السلام): ما أكثر ما أسمع منك يا سيّدي ذكر سلمان الفارسي! فقال: لا تقل الفارسي، ولكن قل سلمان المحمّدي، أتدري ما كثرة ذكري له؟ قلت: لا.
قال: لثلاث خلال: أحدها: إيثاره هوى أمير المؤمنين(عليه السلام) على هوى نفسه، والثانية: حبّه للفقراء واختياره إيّاهم على أهل الثروة والعدد، والثالثة: حبّه للعلم والعلماء، إنّ سلمان كان عبداً صالحاً حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين»(12).
4ـ «روي أنّ سلمان الفارسي كان محدّثاً، فسُئل الصادق(عليه السلام) عن ذلك وقيل له: مَن كان يُحدّثه؟ فقال: رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين، وإنّما صار محدّثاً دون غيره ممّن كان يُحدّثانه؛ لأنّهما كانا يُحدّثانه بما لا يحتمله غيره من مخزون علم الله ومكنونه»(13).
5ـ قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»(14).
من أقوال العلماء فيه
1ـ قال الفضل بن شاذان النيشابوري(رضي الله عنه) (ت: 260ﻫ): «ما نشأ في الإسلام رجل من سائر الناس كان أفقه من سلمان الفارسي»(15).
2ـ قال الشيخ عبد الله المامقاني(قدس سره): «حاله في علوّ الشأن، وجلالة القدر، وعظم المنزلة، وسموّ الرتبة، ورفعة المرتبة، ووفور العلم، والتقوى، والزهد، والنهى، أشهر من أن يحتاج إلى تحرير، أو ينضبط بتقرير، كيف وقد اتّفق أهل الإسلام قاطبة على علوّ شأنه، وبلغ إلى درجة أنّه نادى الموتى فأجابه منهم مجيب»(16).
موقفه من خلافة أبي بكر
كان(رضي الله عنه) من الاثني عشر رجلاً الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، حينما رقى أبو بكر المنبر في أوّل جمعة له، فوعظوه وخوّفوه من الله سبحانه وتعالى، ودافعوا عن أحقّية الإمام علي(عليه السلام) بالخلافة، حيث قال: «يا أبا بكر، إلى مَن تُستند أمرك إذا نزل بك القضاء، وإلى مَن تُفزع إذا سُئلت عمّا لا تعلم، وفي القوم مَن هو أعلم منك، وأكثر في الخير أعلاماً ومناقب منك، وأقرب من رسول الله(صلى الله عليه وآله) قرابة وقدمة في حياته، قد أوعز إليكم فتركتم قوله، وتناسيتم وصيّته، فعمّا قليل يصفوا لكم الأمر حين تزوروا القبور، وقد أثقلت ظهرك من الأوزار لو حملت إلى قبرك لقدمت على ما قدمت، فلو راجعت إلى الحقّ وأنصفت أهله، لكان ذلك نجاة لك يوم تحتاج إلى عملك، وتفرد في حفرتك بذنوبك عما أنت له فاعل، وقد سمعت كما سمعنا، ورأيت كما رأينا، فلم يروعك ذلك عمّا أنت له فاعل، فالله الله في نفسك فقد أعذر مَن أنذر»(17).
شهادته بحديث الغدير
كان(رضي الله عنه) من الصحابة الذين قاموا وشهدوا على صحّة ما نقله الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمّا ناشدهم قائلاً: «أنشد الله مَن حفظ ذلك من رسول الله(صلى الله عليه وآله) لما قام فأخبر به.
فقام زيد ابن أرقم، والبَراء بن عازب، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمّار بن ياسر(رضي الله عنهم) فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: أيّها الناس إنّ الله أمرني أن أنصّب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيّي وخليفتي، والذي فرض الله عزّ وجل على المؤمنين في كتابه طاعته، فقرنه بطاعته وطاعتي، فأمركم بولايتي وولايته، فإنّي راجعت ربّي عزّ وجل خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني ربّي لأبلّغنها أو ليعذّبني»(18).
ولايته للمدائن
كان(رضي الله عنه) والياً على منطقة المدائن في عهد عمر وعثمان.
ولقائل يقول: ما هو المسوّغ لتصدّيه الولاية من قبل عمر وعثمان؟
نقول: إنّ من الصحابة والتابعين كانوا مكلّفين من قبل الإمام علي(عليه السلام) بالاشتراك في الأُمور العامّة؛ لتقوية شؤون المسلمين، وتوسيع نطاق الإسلام من خلال الاشتراك في الأمارات وقيادة الجيش لفتح البلاد.
روايته للحديث
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) والإمام علي(عليه السلام)، منها: حديث الغدير.
وفاته
تُوفّي(رضي الله عنه) ما بين عام 34ﻫ إلى 36ﻫ بمنطقة المدائن، جنوب العاصمة بغداد، ودُفن فيها، وقبره معروف يُزار.
تجهيزه
تولّى الإمام علي(عليه السلام) غسله، وتكفينه، والصلاة على جثمانه، ودفنه، وقد جاء من المدينة المنوّرة إلى المدائن من أجل ذلك، وهذه القضية من الكرامات المشهورة للإمام علي(عليه السلام).
وقد نظم السيّد محمّد الأقساسي (ت: 575ﻫ) هذه الحادثة، فقال:
«أنكرتَ ليلة إذ صار الوصيّ إلى ** أرض المداين لمّا أن لها طلبا
وغسّل الطُهر سلماناً وعاد إلى ** عراص يثرب والإصباح ما وجبا
وقلت: ذلك من قول الغلاة وما ** ذنب الغلاة إذا لم يوردوا كذبا
فآصف قبل ردّ الطرف من سبأ ** بعرش بلقيس وافى يخرق الحجبا
فأنت في آصف لم تغل فيه بلى ** في حيدر أنا غالٍ أن ذا عجبا
إن كان أحمد خير المرسلين فذا ** خير الوصيين أو كلّ الحديث هبا»(19).
ـــــــــــــــــ
1. اُنظر: معجم رجال الحديث 9/194 رقم5348، أعيان الشيعة 7/279.
2. تفسير القمّي 2/182.
3. الركن في اصطلاح المحدّثين هو: الصحابي الذي نافس جميع الصحابة في الفضل، والتمسّك بأهل البيت(عليهم السلام)، وواساهم ظاهراً وباطناً، ولم يوال أحداً من مخالفيهم. (تنقيح المقال 18/136 رقم4764).
4. اُنظر: الاختصاص: 6.
5. عيون أخبار الرضا 1/134 ح1.
6. الاستيعاب 2/636.
7. عيون أخبار الرضا 1/70 ح282.
8. الاختصاص: 222.
9. الخصال: 303 ح80.
10. المصدر السابق: 361 ح50.
11. الاختصاص: 11.
12. الأمالي للطوسي: 133 ح214.
13. علل الشرائع 1/183 باب146.
14. رجال الكشّي1/43 ح20.
15. المصدر السابق 2/780 ح914.
16. تنقيح المقال 32/240 رقم9877.
17. الخصال: 463 ح4.
18. كتاب سُليم بن قيس: 199.
19. الغدير 5/15.