نسمع في مجتمعاتنا مثل هذه العبارات الهدامة

بسم الله الرحمن الرحيم

نسمع أحياناً في مجتمعاتنا مثل هذه العبارات الهدامة:

"مسكين مات وهو شاب صغير وبعده ما شبع من الدنيا "

أو

"فلانة طول حياتها مو متوفقه لا زوج عدل ولا عندها عيال وفوق هذا الحين بعد مريضة بمرض خطير"

أو

"فلانه تحملت وايد مآسي في هالدنيا، ما تستاهل والله"


أو

" طول عمري وأنا عايش أحزان، طفولتي كانت كلها عذابات وحرمان ويوم كبرت قامت تتحذف علي البلايا من كل صوب"

طبعا هذه العبارات تعبر عن أحوال ومشاعر من يعيش في الدنيا للدنيا..
لأنهم لا يرون إلا الخسارة الدنيوية في كل حدث.. والسعادة في نظرهم هي الحصول على أكبر قدر من حظوظ الدنيا.. وكأن الدنيا خلقت للسعادة لا للاختبار.

يقول أمير الموحدين اﻹمام علي عليه السلام:

"إن للمحن غايات وللغايات نهايات فإصبروا لها حتى تبلغ نهاياتها"

بمعنى أن هنالك حكمة خفية وراء كل حدث ودقة متناهية لإختيار البلاء المناسب الذي يساعد اﻹنسان على تخطي عقبة معينة في طريقه إلى الله تعالى.

مثلاً : إنسان يحب الحياة اﻹجتماعية كثيرا بحيث يأنس مع أصحابه ويستوحش بفراقهم.. وهذه حاله غير سليمه لأنه يفترض بالمؤمن اﻷنس بالخلوة مع الله أيضاً

فمن لطف المولى هنا أنه قد يبتلي هذا المؤمن بخلافات مع اﻷفراد الذين تعلق بهم بحيث يرجع قلبه إلى ربه.

قد يستشكل البعض فيقول ولكن الله يحب العلاقات الطيبة مع الناس..نعم الله يحب العلاقات الطيبة. .لا التعلقات التي تأخذ مكان الله في القلوب..

نحن قد نطلق مسميات خاطئة في بعض المواضع لما نظنه حال طيب ولكن الله مطلع على خفايا اﻷمور..


ولذلك فمن توفيق الله لعبده أنه قد يبتليه بفقد عزيز..أو بعقوق أحد اﻷبناء خصوصا الذين تعلق القلب بهم..ليعود هذا القلب التائه إلى ربه..

ومن توفيقات الله أنه قد يبتلي اﻹنسان بمرض أو بمشاكل لكي يعيش حالات التضرع والدمعة في صلاته ودعاءه بعد جفاف طويل..


من توفيقات الله أنه قد يخسر العبد في تجارته أحيانا..أو تأتيه مصاريف زائدة..لكي لا يبتلى بعدم دفع حق المال الواجب.


ومن توفيقات الله أن يموت اﻹنسان في ساعة آجله..لكي لا يزداد العاصي إثما...ولا يبتلى المؤمن بفتنة تزل قدمه بعد ثبوتها. .


فلنترك عبارات مسكين وما يستاهل .. لأن هذه العبارات فيها:

أولاً سوء ظن بالخالق

وثانياً إضعاف لمعنويات المبتلى ودفعه لعدم الرضا بقضاء الله عز وجل.

ولنحاول أن ننشر العبارات البنائة التي تزيد المؤمن ثباتا وتصنع لنا مجتمعا سليما .

مثل "ما أقوى إيمان وصبر فلان في بلائه"، أو "أثابك الله على صبرك بما يثلج صدرك ويقر عينك"، أو "كل هذه البلاءات تهون في مقابل سلامة دين المؤمن".

فلنكن ممن يسن سنة حسنة ولو بعبارة إيجابية قد يتوارثها اﻷجيال فتكون لنا صدقة جارية..