موسى لم يطأ أرض النيل إطلاقاً!!!

عدد المساهمات : 2972 تاريخ التسجيل : 09/11/2011

موسى لم يطأ أرض النيل إطلاقاً

القرآن الكريم، كتاب الله العزيز، اشتمل على ثلاثة أنواع من العلوم:

§ أولها: الأحكام الشرعية، ومن ذلك وجوب الصلاة، وتحريم الخمر ونحو ذلك.

§ ثانيها: العلوم الكونية، كالأبراج وتعاقب الليل والنهار، ونحو ذلك.

§ ثالثها: القصص القرآني، والذي تحدث عن الأمم الماضية والأمور الغيبية ونحو ذلك.

وقد أخبرنا الله عز وجل بأخبار قوم (نوح) وقوم (هود)، وقوم (موسى)، وأكثر الله تبارك وتعالى من بيان قصة (موسى) مع (فرعون) ومع قومه.

وقد ارتبطت قصة (موسى) عليه السلام بـ(مصر) ارتباطاً وثيقاً، فما أن تُذكر (مصر) حتى ينطلق الفكر إلى (موسى) وما حصل معه ومع (فرعون) وقومه، وكذلك العكس.

إلا أننا في هذه المقالة أحببنا أن نوضح اكتشافات وبحوث جديدة تقول بأن (موسى) عليه السلام لا يعرف (مصر- أرض النيل)، ونحن هنا نُبينها وأساسها، ونناقشها لنخرج بالصواب من ذلك، والله المستعان.

الدليل الأول:

سوف أستدل في شأن موضوع مقالتنا إلى مرجع لكاتبين يهوديين، وهما: الأول اليهودي الإسرائيلي أ.د/(إسرائيل) فنكلشتاين، رئيس قسم علم الآثار في جامعة (تل أبيب)، والثاني اليهودي الأمريكي (نيل) أشر سيلبرمان، مؤرخ وباحث أمريكي، إذ جاء في كتابهما (التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها- رؤية جديدة لإسرائيل القديمة وأصول نصوصها المقدسة على ضوء اكتشاف علم الآثار) ص91 ما نصه: " لا يوجد أي ذكر لاسم (إسرائيل) في أي من النقوش أو الوثائق المرتبطة بفترة (الهكسوس)، ولا ذكر لاسم (إسرائيل) في أي من النقوش أو الوثائق المرتبطة بفترة (الهكسوس)، ولا ذكر لـ(إسرائيل) في النقوش المصرية التالية، ولا في الأرشيف المسماري الذي يعود للقرن الرابع عشر ق. م، والذي تم اكتشافه في تل العمارنة في (مصر).... بدأ ظهور (الإسرائيليين) -بشكل تدريجي كمجموعة متميزة في (كنعان)- في نهاية القرن الثالث عشر ق. م فقط، وليس هناك أي دليل آثاري مقبول يُثبت حضور (الإسرائيليين) في (مصر) مباشرة قبل ذلك الوقت".

هذا الكلام يُبين أن (بني إسرائيل) لم يطأوا (مصر) المعروفة قبل القرن الثالث عشر قبل الميلاد، ومن المعروف أن (موسى) عليه السلام كان زمنه قبل القرن الثالث عشر بكثير.

دليل ثاني:

ذكر الله (فرعون) بهذا الاسم في الآيات المتعلقة بقصة (موسى) وقومه، وقد قيل أن هذا اللفظ إنما هو لقبٌ على من حكم (مصر) المعروفة، كما هو حال (كسرى) لمن ملك بلاد (الفرس) أو (هرقل) لمن ملك بلاد (الروم) وهكذا...

يقول الكاتب (أحمد) الدبش: "الواقع أن قدماء المصريين لم يُلقبوا بهذا اللقب [أي (فرعون)] بصورة منتظمة قبل عهد الأسرة الثانية والعشرين، أي قرابة عام (950) قبل الميلاد".

دليل ثالث:

ذكر الله كلمة (مصر) في القرآن الكريم أثناء قصة (يوسف) مع إخوته، وكذا قصة (موسى) مع (فرعون) ومع قومه، وهذه اللفظة ليس لها أي علاقة بـ(مصر) المعروفة، يقول (أحمد) الدبش: "أما عن تسمية (مصر)، فيبدو أنها ذات أصل مجهول في النصوص المصرية القديمة، فلم نعثر حتى الآن على وثيقة مصرية قديمة اعتبرته اسماً لبلدها، وأما النصوص الأشورية، وهي أكثر المصادر القديمة ترديداً لاسم (مصر)، فلم تعن بمترادفاته (مصر- وادي النيل)".

وهذا الكلام يؤكده أمران:

الأول: أن رسول الله ص عندما خاطب (المقوقس) في رسالته التي يدعوه فيها إلى الإسلام، لم يذكر اسم (مصر)، بل ذكر اسم (القبط)، وكانت بداية الرسالة كالآتي: "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى (المقوس) عظيم القبط".

الثاني: أن اسم (مصر) الدولة، أُطلق عليها إسلامياً، إذ أدخلها عليها الصحابي (عمرو) بن العاص في فترة التحرير الإسلامي.

دليل رابع:

يقول الكاتب (حمدي) بن حمزة الجهني في كتابه (فك شفرة): "لم أجد في تاريخ الأسرة الثامنة عشر أو الدولة الحديثة، بل في تاريخ (مصر) الفرعونية كلها أي امرأة لأي (فرعون) كانت مؤمنة سوى هذه المرأة (تي)، كما أنني لم أجد فيما كُتب عن تاريخ هذه الحقبة أي اسم لامرأة تُدعى (آسية) بنت مزاحم، ولا اسم أي امرأة من أصل عربي وباسم عربي".

وبالتالي فهذا دليل قوي على أن عدم وجود ذكر لـ(آسية) بنت مزاحم في التاريخ المصري القديم، يدل على أن (موسى) و(فرعون) ليس لهما أي علاقة بـ(مصر- وادي النيل).

بالإضافة إلى أن الكاتب (حمدي) بن حمزة الجهني عندما كتب تلك السطور في محاولة لإثبات أن (ذي القرنين) هو (أخناتون) ابن (فرعون موسى)، لم يكن يعلم أن هذه السطور ستكون في غير صالحه، إذ أنه حاول تطويع القرآن الكريم والسنة المطهرة التي جاء فيها الإشارة أو ذكر (آسية) بنت مزاحم إلى مبتغاه في إثبات ما يُريده، وكان حرياً به إذ تأكد عنده عدم وجود (آسية) بنت مزاحم في التاريخ المصري القديم أن ينصرف للبحث عنها في مكان غير (مصر- وادي النيل).

ومما يؤكد أن لا علاقة لـ(آسية) بنت مزاحم بـ(وادي النيل) مطلقاً، أنه قد عند المفسرين أمثال (الطبري) و(القرطبي) وغيرهما أن (فرعون) قد عذب (آسية)، وقبض الله روحها قبل هلاك (فرعون)، بينما جاء في التاريخ المصري أن المرأة الوحيدة التي آمنت بالله هي الملكة (تي)، والتي عاشت بعد موت زوجها، وشاركت الحكم مع ابنها.

دليل خامس:

كما ثبت أن اسم (آسية) بنت مزاحم أنه اسم عربي، وأن ليس له علاقة بالتاريخ المصري القديم، فكذلك اسم (فرعون موسى)، فعند علماء المسلمين أن (فرعون) إنما هو لقبٌ لحاكم حكم أرض (مصر)، وأن (فرعون موسى) إنما هو (الوليد) بن مصعب بن معاوية بن أبي نمير بن الهلواش بن ليث بن هاران بن عمرو بن عملاق، وبالتالي يظهر من ذلك أن هذا الاسم (الوليد) ليس له أي علاقة هو الآخر بـ(مصر وادي النيل)، وإنما هو اسمٌ عربي كما هو حال زوجته وغيرهما.

نتوقف عند هذا القدر، والذي حاولنا الاختصار فيه بما يُضيء للقارئ ما يُنور له فكره وطريقه نحو الصواب، ولن نتحدث عن موقع (مصر- موسى)، في هذه المقالة بالتفصيل، ولكن يكفينا أن نقول أنها أرضٌ عربية في الجزيرة العربية، ولها مقالة مستقلة، والله أعلم.

انظر: (الطبري: التفسير): (28/171)، و(القرطبي: التفسير): (11/225)، و(الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب الزبيري: المنتخب من كتاب أزواج النبي): (55)، و(ابن الجوزي: المنتظم): (1/332)، و(إسرائيل فنكلشتاين و(نيل أشر سيلبرمان: التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها): (91)، و(أحمد الدبش: موسى في جزيرة العرب): (47، 48، 78، 163)، و(حمدي بن حمزة الجهني: فك أسرار ذي القرنين (أخناتون) ويأجوج ومأجوج): (161).

عدد المساهمات : 3206 تاريخ التسجيل : 09/11/2011

شكرا لك على الطرح