ماء زمزم... حكاية تاريخ وميلاد حضارةلا نستطيع الحديث عن مياه زمزم المعروفة، وأهمّيتها بمعزل عن مكانها، وتاريخ وجودها، والأسباب التي أدّت إلى ظهورها، فشكّلت نواة حضارة العرب في مكّة المكرّمة بدءاً من سيّدنا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وصولاً إلى نبيّنا الأكرم محمد(ص).
بطاقة تعريف بأسماء زمزم وصفاتها:
خُصَّت زمزم بأسماء كثيرة حتّى ذكروا لها أكثر من أربعة وخمسين اسماً أو صفة، وهذه الأسماء والصفات تعود إلى فضائل زمزم وخصائصها، نذكر أكثرها مرتّبة على حروف الهجاء:
- بَرَّة: وذلك لكثرة منافعها وسعة مائها، وقيل لأنّها فاضت للأبرار، وغاضت عن الفجّار، وقيل مأخوذة من البِرّ، لأنّ الله تعالى بَرَّ بها نبيّه إسماعيل عليه السلام.
- بركة ومباركة: من البركة وكثرة الخير.
- بشرى: لأنّها بشرى هاجر، ولمّا رأت الماء فرحت به وزمّته.
- تكتم ومكتومة: لأنّها كانت قد اندفنت بعد جرهم وصارت مكتومة حتى أظهرها عبد المطّلب.
- حرميّة: نسبة إلى الحرم، أو لكونها معظّمة.
- حفيرة إسماعيل: لأنّ إسماعيل (ع) حفر برجليه الأرض ففاضت زمزم.
- حفيرة عبد المطلّب: لأنّ عبد المطّلب حفرها بعدما ندرست.
- ركضة جبرائيل(ع): أصل الركض الضرب بالرجل والإصابة بها.. سمّيت بها الاسم لأنّ جبرائيل ضرب الأرض بجناحه فانفجر ماء زمزم.
وهناك أسماء تتعلّق بهذا الاسم، منها: هزمة جبرائيل، وهمزة جبرائيل، ووطأة جبرائيل.
- الرَّواء، ومروية ورِوَىً ورَوِيّ ورِيّ، وكلّها بمعنى الماء الكثير المروي.
- زمزم وزُمازِم: سمّيت زمزم لكثرة مائها؛ يقال: ماء زمزم وزُ مازِم. وقيل: هو اسم لها وعلم مرتجل. وقيل: سمّيت بذلك لأنّ هاجر أمّ إسماعيل عليهما السلام، ضمّت ماءها حين انفجرت وزمّتها كي لا تسيح، وقيل : بل من زمزمة جبريل وكلامه عليها، وقيل: لصوت الماء فيها حين ظهر. ويقال: ماء زَمْزَمٌ وزَمْزامٌ وزُوازِمٌ وزُوَزِمٌ إِذا كان بين المِلْحِ والعَذْبِ.
- سابق: لأنّ ماء زمزم له التقدّم والسّبق والفضل على غيره من المياه.
- سالمة: من أصل السّلامة وهي العافية.
- سقيا الله إسماعيل(ع): لأنّ الله تعالى سقى إسماعيل وأمّه بهذا الماء وأغاثهما به .
- سقاية الحاج: لأنّها تسقي الحجيج الأعظم.
- سيّدة: لأنّها سيّدة المياه كلّها، وأفضلها وأشرفها، وأكرمها.
- شبّاعة: لأنّها تروي وتشبع.
- شراب الأبرار: لأنّ غالب أهل الخير والصلاح يحرصون على شرب ماء زمزم.
- شفاء سقم: لأنه يُتوسّل منها الشفاء.
- صافية: لصفائها وخلوّهامن الشوائب.
- طاهرة: لأنّها منزّهة عن كلّ عيب
- طعام طُعم: لأنّ من شرب من مائها بنيّة الشبع، أمن من الجوع.
- طعام الأبرار: وهو بمعنى شراب الأبرار الذي مرّ آنفاً.
- طيّبة: لأنّها زكيّة، ومستلذّة و محبّبة عند المؤمنين.
- ظاهرة: أي منفعتها ظاهرة.
- ظبية: تشبيهاً بالظبية الخريطة ، وهي الجراب الصغير، لجمعها ما فيها من ماء.
- عاصمة: لأنّها تعصم من النفاق.
- عافية: طلباً للعافية عند شرابها والاستشفاء.
- عِصْمَة: يقال: عصمه الطّعام: منعه من الجوع.
- عَوْنَة: لأنّها عون للعيال.
- غياث: لأنها أغاثت هاجر وولدها إسماعيل (ع)
- كافية: لأنّها تكفي حاجة من شربها.
- مُجلية البصر: لأنّها تجلو بصر من نظر إليها.
- مضنونة: لأنّها ضُنَّ بها على غير المؤمنين، وقيل لأن عبد المطّلب قيل له في المنام: احفر المضنونة، ضننت بها على الناس لا عليك. والمضنونة: الغالية.
- مُعْذِبة: من عذوبة الماء.
- مُفَدّاة: لأنّ عبد المطّلب، بعد أن حفرها فدى ابنه عبد الله، والد الرسول الأكرم(ص) بمئة من الإبل نحرها وفرّقها.
- مُؤنسة: لأنّ المؤمن يأنس لشربها.
- نافعة: لكثرة منافعها.
1- جغرافية زمزم
أـ الموقعتقع بئر زمزم داخل المسجد الحرام، إلى الجنوب الشّرقيّ من الكعبة المشرّفة، قبال الرّكن الذي به الحجر الأسود. ومكتوب عليها في وقتنا الحاضر : زمزم . تنزل إليها عبر الدرج الإسمنتيّ وبينها وبين الكعبة 15 متراً تقريباً.
ب ـ العمقعمق زمزم من فتحة البئر إلى قعرها ثلاثين متراً، وقطر البئر يختلف باختلاف العمق، وهو يتراوح بين 1،5م، و2،5م.
ج ـ العيون التي تغذي زمزم
كانت العيون التي تغذّي زمزم ثلاث عيون: عينٌ حِذاء الركن الأسود، وعينٌ حِذاء جبل أبي قبيس والصّفا، وعين حِذاء المروة.
هذا هو التّحديد لعيون زمزم في القرن الثالث الهجريّ وما قبله، أمّا التحديد الجديد الذي جرى عام 1400هـ فيصفه المهندس يحيى كوشك بقوله:
«المصدر الرئيسي فتحة تتجه جهة الكعبة المشرّفة في اتجاه الركن الغربي ـ الحجر الأسود ـ وطولها 45سم، وارتفاعها 30سم، ويتدفّق منها القدر الأكبر من المياه، والمصدر الثاني: فتحة كبيرة باتجاه المكبّريّة، وبطول 70سم، ومقسومة من الدّاخل إلى فتحتين، وارتفاعها 30سم.
وهناك فتحات صغيرة بين أحجار البناء في البئر تخرج منها المياه، خمس منها في المسافة التي بين الفتحتين الأساسيتين، وقدرها متر واحد، كما يوجد 21 فتحة أخرى، تبدأ من جوار الفتحة الأساسيّة الأولى، وباتجاه جبل أبي قبيس والصّفا والمروة».
2- تاريخ ماء زمزمأ- علاقة زمزم بالنّبيّ إبراهيم (ع)لماء زمزم علاقة وطيدة بقصّة النّبيّ إبراهيم (ع) وزوجته هاجر وولدهما النّبيّ إسماعيل(ع)، إذ تؤكد المصادر التاريخيّة وكتب الحديث، أنّ الله تعالى أمر إبراهيم بإبعاد هاجر وولدهما عن زوجته سارة بعدما أحسّت بالغيرة الشّديدة منهما، هذا ظاهر الأمر، إلا أنّ السّبب أعمق من ذلك، فإسكان هاجر وولدها إسماعيل(ع) في تلك البقعة المباركة وفي ذلك المكان، سيكون له الدّور الفعّال في نشوء حضارة العرب، وبزوغ فجر الإسلام، فكان لا بد من إبقائهما هناك ومن ثمّ رفع قواعد الكعبة لتكون محجّة للوافدين إلى مكّة.
ب- الرحيل إلى مكّةفي طريقه إلى مكّة، كان إبراهيم (ع) لا يمّر بموضع حسن فيه شجر ونخل وزرع إلا وسأل جبرائيل(ع): إلى ههنا إلى ههنا؟ فيقول جبرائيل: لا، امضِ امضِ حتى وافى به مكّة، فأنزل إبراهيم زوجته وولده ووضعهما تحت شجرة كانت هناك ووضع لهما جراباً فيه تمر، وسقاءً فيه ماء...
ثم قفل إبراهيم (ع) عائداً، فتبعته أمّ إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي القفر؟ كررّت سؤالها مراراً، ولمّا لم تسمع الرّدّ، سألته: أالله أمرك بذلك؟ قال: نعم. قالت: إذن لا يضيّعنا... ثم رجعت إلى حيث وضهعا إبراهيم عليه السّلام. وقال إبراهيم قوله المشهور عندما تركهما: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ سورة إبراهيم/37.
ج – البحث عن الماءلـمّا ارتفع النّهار عطش إسماعيل، فخرجت أُمّه حتى قامت على الصّفا وكان أقرب جبل يليها ونظرت باتجاه الوادي متسائلة هل بالوادي من أنيس؟ فلم يجبها أحد . وكان قد لمع لها السّراب فيه وظنّت أنه ماء فمضت، ثمّ أتت المروة فنادت مثل ذلك. فلم تُجَبْ، ثمّ رجعت الى الصّفا وقالت ذلك وكرّرت ذلك سبعاً فأجرى الله ذلك سُنّة في مناسك الحجّ .
فلما كانت في الشّوط السّابع وهي على المروة نظرت إلى إسماعيل وقد ظهر الماء من تحت رجليه، فجمعت حوله رملاً فزمّته بما جعلته حوله، فلذلك سُمّيت زمزم. وفي رواية أنّ جبريل هو من أظهر ماء زمزم، وقال لها: لا تخافوا الضّيعة، فإنّ ههنا بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيّع أهله...
د- زمزم وعمران مكّةعندما انفجرت زمزم، عكفت الطير عليه، وبهذه الإشارة علمت قبيلة جُرْهُم بوجود الماء، فقصدت الماء، واستأذت هاجر بالبقاء في مكّة، فإذنت لهم، وشبّ بينهم إسماعيل وتزوّج امرأة منهم، وتعلّم العربيّة وكانت لغة أبيه من قبل السريانيّة؛ فعّده علماء أنساب العرب رأس السلالة العربيّة من العرب المستعربة، أي العدنانيّة، وهي السّلالة الثالثة بعد العرب البائدة والعرب العاربة، وكانت مواطنها الأجزاء الشّماليّة من الجزيرة العربيّة. ويرجّح الباحثون أنّه عاش مع أبيه وأخيه الأصغر إسحاق في أواخر القرن التاسع عشر قبل الميلاد، ويقال إنه عاش مئة وثلاثين سنة.
وكان إبراهيم يزور مكّة للاطمئنان على أهله، وقد سرّ بوجود قبيلة جرهم العربية فيها. ولما بلغ إسماعيل مبلغ الرجال أمر الله إبراهيم عليه السلام أن يبني البيت فبعث الله جبرئيل عليه السّلام فخطّ له موضع البيت... ولما فرغ إبراهيم من بناء البيت دعا ربّه، وبهذا أخبر الله تعالى على لسان نبيّه (ص): ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة : 126 - 127]
هـ - زمزم وجرهم بعد إسماعيل(ع)انتعشت مكّة بعد ظهور زمزم وإقامة جُرهم ومعها بنو قطوراء، وهم أبناء عمّهم، وكانت ولاية البيت أول الأمر لنابت بن إسماعيل، ثمّ وليها من بعده مضاض بن عمرو الجرهميّ. وكان الناس يمرّون بمكة فيُطعمونهم من الطّعام ويُسقونهم من ماء زمزم. وما لبث الشّرّ أن وقع بين قبيلة جُرهم وقبيلة قاطوراء، فاقتتلا في موضع خارج مكّة، وكانت الغلبة لجرهم . ثم إنّ جُرهماً بغت بمكّة، وأحلّت الحرام، وظلمت من دخل مكّة من غير أهلها، وأكلت ما يُهدى إلى الكعبة من أموال، فوعظهم مُضاض الجرهميّ، وحذّرهم من البغي والظلم، لكنهم طغوا وتجبّروا، ولم يلتفتوا إلى كلامه، وكانت زمزم نضبت لكثرة ذنوبهم، فلما رأى مضاض الجرهميّ أعمال قبيلته في الحرم، عمد إلى غزالين من ذهب وأسياف ثمينة كانت في الكعبة، فدفنها في موضع زمزم الدّارس، وانطلق هو ومن معه خارج مكّة.
ثم تجرّأت خزاعة على قتال جُرهم للفساد الذي أصابها، فغلبتها وأخرجتها من مكّة. وظلّ موضع زمزم لا يعرف لعهود طويلة.
و- زمزم في عهد عبد المطّلب جدّ النّبيّ(ص)
عزم عبد المطلّب على حفر زمزم أو الكشف عنها بعدما رأى في المنام غير مرّة من يأمره بذلك، وكان موضعها آنذاك لا يعرف لتقادم الزمان، فرفعت عنها الحجب برؤيا منام رآها عبد المطّلب، ونعت له موضعها. ومما جاء في رؤياه: «...أتاني آت وقال: احفر زمزم ، فقلت:وما زمزم؟ فقال :لا تُنْزِف ولا تُذَمّ، تسقي الحجيج الأعظم ...».
ثم فقام فحفر فقالت له قُريش: ما هذا يا عبد المطّلب ؟فقال: أُمرتُ بحفر زمزم فلمّا كشف عنها ورأى جوانب البئر وحوافها، كبّر، فقالوا :يا عبد المطّلب، إنّها بئر إسماعيل، وإنّ لنا فيها حقّاً، فأشركنا معك فيها !فقال: ما هي لكم لقد خُصّصتُ بها دونكم. واستخرج عبد المطّلب الغزالين والسّيوف التي دفنتها جُرهم في زمزم، وكانت من نصيب الكعبة المشرّفة، وكان ذلك قبل عام الفيل، قبيل ولادة رسول الله(ص)
وحكي عن الزبير بن بَكَّار (ت 256هـ ـ 870م) وكان عالماً بالأنساب وأخبار العرب، «أَنّ زمزم لما حُفِرَتْ وأَدرك منها عبد المطّلب ما أَدرك، بنى عليها حوضاً وملأَه من ماء زمزم وشرب منه الحاجُّ فحسده قوم من قريش فهدّموه، فأَصلحه فهدّموه باللّيل، فلما أَصبح أَصلحه فلمّا طال عليه ذلك دعا ربه فأُرِيَ في المنام أَن يقول: اللّهمّ إِني لا أُحِلُّها لمغتسل وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ فإِنّك تكفي أَمْرَهم، فلمّا أَصبح عبد المطّلب نادى بالذي رأَى، فلم يكن أَحد من قريش يقرب حوضه إِلا رُميَ في بَدَنه فتركوا حوضه».
ز - فضلها:
- عن رسول الله (ص) : ماء زمزم لما شرب له، فإن شربته تستشفي به شفاك الله، وإن شربته مستعيذاً عاذك الله، وإن شربته ليقطع ظمأك قطعه.
- عن رسول الله (ص): خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام الطعم، وشفاء السقم.
- عن الإمام عليّ (ع): ماء زمزم خير ماء على وجه الأرض.
- عن الإمام الباقر(ع): كان النّبيّ (ص) يستهدي من ماء زمزم وهو بالمدينة.
- عن الإمام الصّادق(ع): إذا فرغ الرجل من طوافه وصلّى ركعتين فليأت زمزم ويستق منه ذَنُوباً (دلو عظيم) أو ذَنُوبَيْن وليشرب منه وليصبّ على رأسه وظهره وبطنه ويقول : (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عَلْمَاً نافِعاً ورِزْقاً واسعاً وشِفَاءَاً منْ كُلِّ داءِ وسَقَمٍ) ثم يعود إلى الحجر الأسود.
المعجزة الالهية في ماء زمزم قال أحد الأطباء في عام 1971م
إن ماء زمزم غير صالح للشرب
استناداً إلى أن موقع الكعبة المشرفة
منخفض عن سطح البحر ويوجد في منتصف
مكة المكرمة ، فلا بد أن مياه الصرف الصحي
تتجمع في بئر زمزم
ما أن وصل ذلك إلى علم الملك فيصل
حتى أصدر أوامره بالتحقيق في هذا الموضوع
وتقرر إرسال عينات من ماء زمزم
إلى معامل أوروبية لإثبات مدى صلاحيته للشرب
ويقول المهندس الكيميائي معين الدين أحمد
الذي كان يعمل لدى وزارة الزراعة
والموارد المائية السعودية في ذلك الحين
أنه تم اختياره لجمع تلك العينات
كانت تلك أول مرة تقع فيها عيناه على البئر
التي تنبع منها تلك المياه وعندما رآها
لم يكن من السهل عليه أي يصدق
أن بركة مياه صغيرة لا يتجاوز طولها 18 قدما وعرضها 14 قدماً
توفر ملايين الجالونات من المياه كل سنة للحجاج
منذ حفرت في عهد إبراهيم عليه السلام
وبدأ معين الدين عمله بقياس أبعاد البئر
ثم طلب من أن يريه عمق المياه
فبادر رجل بالاغتسال ، ثم نزل إلى البركة
ليصل ارتفاع المياه إلى كتفيه
وأخذ يتنقل من ناحية لأخرى في البركة
بحثاً عن أي مدخل تأتي منه المياه إلى البركة
غير أنه لم يجد شيئاً
وهنا خطرت لمعين الدين فكرة يمكن أن تساعد في معرفة مصدر المياه وهي شفط المياه بسرعة باستخدام مضخة ضخمة كانت موجودة في الموقع لنقل مياه زمزم إلى الخزانات بحيث ينخفض مستوى المياه بما يتيح له رؤية مصدرها غير أنه لم يتمكن من ملاحظة شيء خلال فترة الشفط فطلب من مساعده أن ينزل إلى الماء مرة أخرى وهنا شعر الرجل بالرمال تتحرك تحت قدميه في جميع أنحاء البئر أثناء شفط المياه فيما تنبع منها مياه جديدة لتحلها وكانت تلك المياه تنبع بنفس معدل سحب المياه الذي تحدثه المضخة بحيث أن مستوى الماء في البئر لم يتأثر إطلاقاً بالمضخة
صورة لبئر زمزم التي أمر الملك عبدالعزيز في العام 1927 باصلاحها وتنظيفها و وضع غطاء على فوهة البئر
وهنا قام معين الدين بأخذ العينات التي سيتم إرسالها إلى المعامل الأوروبية وقبل مغادرته مكة استفسر من السلطات عن الآبار الأخرى المحيطة بمدينة مكة المكرمة فأخبروه بأن معظمها جافة وجاءت نتائج التحاليل التي أجريت في المعامل الأوروبية ومعامل وزارة الزراعة والموارد المائية السعودية متطابقة
فالفارق بين مياه زمزم وغيرها من مياه مدينة مكة كان في نسبة أملاح الكالسيوم والمغنسيوم ولعل هذا و السبب في أن مياه زمزم تنعش الحجاج المنهكين ولكن الأهم من ذلك هو أن مياه زمزم تحتوي على مركبات الفلور التي تعمل على إبادة الجراثيم وأفادت نتائج التحاليل التي أجريت في المعامل الأوروبية أن المياه صالحة للشرب
ويجدر بنا أن نشير أيضاً إلى أن بئر زمزم لم تجف أبداً منذ مئات السنين وأنها دائما ما كانت توفي بالكميات المطلوبة من المياه للحجاج، وأن صلاحيتها للشرب تعتبر أمراً معترفاً به على مستوى العالم نظراً لقيام الحجاج من مختلف أنحاء العالم على مدى مئات السنين بشرب تلك المياه المنعشة والاستمتاع بها وهذه المياه طبيعية تماماً ولا يتم معالجتها أو إضافة الكلور إليها كما أنه عادة ما تنمو الفطريات والنباتات في الآبار مما يسبب اختلاف طعم المياه ورائحتها أما بئر زمزم فلا تنمو فيها أية فطريات أو نباتات فسبحان الله رب العالمين